كي الملابس وغسلها ، المحافظة على نظافة البيت ، تحضير الاكل ، الاهتمام بشؤون البيت والأبناء والزوج من الواجبات التي تقوم بها الأم في العادة بكل حب وشغف عندما تكون سعيدة في زواجها و تحس بالاستقرار و الأمان في بيتها ، غير أنه قد يتحول الدافع للقيام بهذه الأعمال الى مجرد واجب تقوم به الأم مجرد من الإحساس و خال من المشاعر و العواطف و كأنها آلة مبرمجة متعددة الوظائف.
و حين تصبح الوضعية على هذه الحالة فإننا حتما في وضعية طلاق صامت.
مفهوم الطلاق الصامت
هو طلاق و لكن ليس بمفهومه القانوني فهو لا يصدر من قاض و لا تتدخل فيه محكمة و لكن له نفس مرارة الطلاق القانوني او ربما اكثر.
ففي الطلاق الصامت تكون جلاد نفسك و معاقبها وتحكم على نفسك في محكمة بيتك بالموت وأنت على قيد الحياة ، فأنت القاضي و الناطق بالحكم و بيتك سجنك الأبدي و مقصلتك.
هو طلاق و لكنه لا يبطل عقد الزواج فأنت تبقى متزوجا و لكنك لست متزوجا في الحقيقة ، هو طلاق روحي وعاطفي وجسدي هو إنفصال تام عن أمانينا و فارس أحلامنا و الحياة الهنية التي لطالما حلمنا بها في الزواج و قصف تام للحياة العائلية و الزوجية التي كانت في مخيلتنا.
اسباب الطلاق الصامت
يلجأ بعض الأزواج طوعا أو كراهية للطلاق الصامت لعدة أسباب من أبرزها :
- المحافظة على الأطفال وعدم الزج بهم في الخلافات الزوجية و الخوف عليهم من آثار الطلاق وتأثيره على استقرارهم النفسي والدراسي
- الخوف من نظرة الناس والمجتمع لوضعية مطلقة أو مطلق
- التهرب من مصاريف الطلاق و تتبعاتها من نفقة و تعويضات
- عدم تقبل فكرة الطلاق او الانفصال في حد ذاتها
- الحب الشديد و انكار باطني بفكرة ان كل شيء يمكن ان يذهب سدا بما في ذلك الحب و التضحيات و نتغاضى عن المشاكل و الخلافات و كأنها ليست موجودة
- المحاولات البائسة في إصلاح ما لا يمكن إصلاحه
- طريقة لدفع أحد الزوجين لطلب الطلاق إنشاء
- التعود على هذه الوضعية خاصة إذا طالت في الزمن وكبر الأطفال
- عندما تكون المرأة ليس لها سند غير زوجها وليس لها مورد رزق قار
الآثار النفسية للطلاق الصامت على الزوجة
تتجرد المرأة تدريجيا في الطلاق الصامت من شخصيتها و أنوثتها وحبها للحياة إلى ان تصبح جسدا دون روح خال من الاحاسيس و المشاعر، آلة جسدية مبرمجة للقيام بشؤون المنزل بدوام كامل، و حتى في العلاقات الحميمية فهي تصبح لحظة للقيام بواجب جنسي خال من كل متعة و فرحة .
و قد تتعرض النساء في إطار الطلاق الصامت الى الإهانة و الضرب و التقليل من شأنها و انجازاتها و الحط من مجهوداتها و التشكيك في كل قدراتها سواءا العملية او الفكرية و قد تصل حتى لطريقة تربية أطفالها و تنشأتهم من خلال عديد العبارات والتصرفات التي يقوم بها الزوج على مدار سنوات لتهميشها و التقليل من شأنها حتى تقتنع المرأة بذلك تدريجيا و تترسخ في مخيلتها انها زوجة فاشلة و ام فاشلة.
فتقوم بالجهد الجهيد و المضاعف ليلا نهارا لإرضاء زوجها و أبنائها و تعويض تقصيرها حتى تكون الأم و الزوجة المثالية.
ويصبح سباقها الوهمي نحو الكمال و المثالية مرهقا لها فتستنزف تبعا لذلك جهدها و طاقتها الجسدية والنفسية على مرور الزمن تصل حد الإنهاك مما سينجر عنه اهتزاز في ثقتها بنفسها و كفائتها على جميع المستويات، اضطرابات نفسية وعزلة وأمراض جسدية إضافة للإصابة باكتئاب و إنهيار يمكن أن تصل حتى التفكير في أن لا قيمة لها في هذه الحياة.
تأثير الطلاق الصامت على الرجل
كثير من الرجال يتعرضون للعنف من قبل زوجاتهم و كثير منهم يصعب عليهم التحدث في الامر او الكشف عنه للعموم فذلك يمس من رجولتهم و يستصغرهم امام اطفالهم خاصة وأمام المجتمع عموما ، فيرضون بالعيش و إلتزام الصمت في بيت ليس لهم فيه لا كلمة ولا سلطان
بيت خال من الاحترام و الحميمية يجرده من ابوته و رجولته و رغم ذلك يواصل العيش فيه في ظل هذا الطلاق الصامت فهو مطلق في صورة متزوج.
و كثير أيضا من الرجال الذين لا يتجرؤون على طلب الطلاق لأن في إصدار حكم الطلاق إقرار بفشلهم و عدم قدرتهم على تحمل المسؤولية اضافة الى خوف من خسارة اطفالهم.
و كثير من الرجال يلجؤون للطلاق الصامت خوفا من الخوض في الطلاق و مصاريفه المختلفة فهو اضمن و اقل تكلفة.
تأثير الطلاق الصامت على الأبناء
إن العيش في ظروف طيبة و بيئة سليمة هو الذي يمكن الأطفال من العيش بسلام و التمتع بالاستقرار النفسي و بحياة أسرية مليئة بالحب و الحنان و الدفئ العائلي حتى يتمكنوا من التواجد والاندماج في المجتمع بصورة متوازنة .
ولتحقيق التوازن في حياة الطفل يجب أن يكون محاطا بوالدين يوفران له حاجاته المعنوية والمادية.
فإن انتفاء أي عنصر أو التقصير فيه يعرض الطفل لمشاكل تمس من شخصيته و استقراره في المستقبل.
فبعض الأطفال الذين عاشوا في إطار طلاق صامت كانو يفضلون لو أن الطلاق صار فعليا قانونيا ، لكان افضل و اقل وطأة و ضررا عليهم ، لان الحقيقة والمواجهة افضل بكثير من إنكاره و العيش في وهم، فألم الحقيقة حيني و يتلاشى بالسنين غير أن العيش بالوهم يلاحقنا طيلة حياتنا و ألمه لا يزول بل يتغلغل فينا و يصبح ساكنا فينا و يمنعنا من المضي قدما و بدء صفحة جديدة و تجديد الروح و الجسد و الاستمتاع بالحياة .
كثير من النساء و الرجال يعيشون سنينا طوالا طلاقا صامت خوفا على أنفسهم وأطفالهم من دوامة قضايا الطلاق و يفضلون عدم المواجهة خوفا من خسارة اطفالهم او حقوقهم بعد التضحيات التي قاموا بها
و كثير منهم كذلك لا يتجرأون على طلب الطلاق ليس خوفا و إنما لعدم توفر لديهم المعلومات القانونية الكافية التي تكفل حقوقهن و تضمن حقوق أطفالهن.