تقدير المصلحة الفضلى للطفل عند الطلاق
الطلاق من أصعب القرارات التي يمكن اتخاذها، لما له من تأثير عميق على الأسرة بصفة عامة، وعلى الطفل بصفة خاصة. بعض الأزواج يتراجعون عن قرارهم لحماية الأسرة وتفادي تأثير الطلاق السلبي على نفسية الطفل. الأسرة هي البيئة التي تتشكل فيها شخصية الطفل ويُقوَّم سلوكه، مما يجعل من الضروري تقدير مصلحة الطفل الفضلى في جميع المسائل المتعلقة به. لذلك، يجب التعامل مع هذا القرار بحذر شديد، مع وضع مصلحة الطفل في الاعتبار.
الحماية القانونية للطفل أثناء الطلاق
رغم أن الطلاق يتعارض مع مصلحة الطفل الفضلى من حيث المبدأ، إلا أن المشرّع التونسي عمل على ضمان حماية الطفل خلال هذه الفترة الحساسة. تضمنت مجلة الأحوال الشخصية ومجلة حماية الطفل فصولاً تنص على أن: “يجب اعتبار مصلحة الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تُتخذ بشأنه، سواء من قبل المحاكم أو السلطات الإدارية أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية العمومية أو الخاصة.” كما أن تونس صادقت على اتفاقية حقوق الطفل، مما يكرس حقوق الطفل بشكل أكبر ويمنحه حماية قانونية شاملة.
يقصد بالطفل كل إنسان عمره أقل من 18 سنة، ما لم يبلغ سن الرشد وفق أحكام خاصة. هذه المرحلة العمرية هي الأهم لتشكيل شخصية الطفل وتطوير سلوكه، مما يبرز أهمية تقدير مصلحته الفضلى عند اتخاذ قرارات تتعلق بالطلاق.
دور القاضي في تقدير مصلحة الطفل الفضلى
تقدير المصلحة الفضلى خلال النزاع
عند حدوث نزاع بين الوالدين، يتولى قاضي الأسرة النظر في المسائل المتعلقة بالنفقة، السكن، والحضانة. تُصدر هذه القرارات في الجلسة الصلحية الأولى لتضمن تلبية احتياجات الطفل المعيشية والنفسية بشكل فوري.
1. النفقة:
يسعى القاضي لتحديد النفقة بناءً على الوضع المادي للأب ومعيشة الطفل السابقة، لضمان تغطية حاجياته الأساسية من مأكل وملبس.
2. السكن:
يُخصص القاضي منحة سكن تُراعى فيها مصلحة الطفل، سواء من خلال إبقائه مع والدته في المنزل العائلي أو توفير بديل مناسب.
3. الحضانة:
غالبًا ما تُمنح الحضانة للأم، ولكن القاضي قد يقرر خلاف ذلك إذا كانت مصلحة الطفل تقتضي وضعه تحت رعاية الأب أو أي شخص آخر قادر على تربيته.
تقدير المصلحة الفضلى بعد الطلاق
حتى بعد إتمام الطلاق، يمكن للقاضي مراجعة قرارات الحضانة والنفقة إذا انتفى أحد شروطها. على سبيل المثال، يمكن للقاضي إسقاط الحضانة إذا ثبت أن الحاضن غير مؤهل أو إذا سافرت الحاضنة مسافة تعيق الوالد الآخر عن أداء واجباته تجاه الطفل.
إضافة إلى ذلك، يسعى مندوب حماية الطفولة لتوفير الحماية الاجتماعية والنفسية للطفل، بالتنسيق مع القاضي، لضمان بيئة آمنة ومستقرة.
خاتمة
في النهاية، مصلحة الطفل الفضلى هي الأولوية القصوى عند الطلاق، ويعمل القاضي على ضمان تحقيقها من خلال قراراته المتعلقة بالنفقة، السكن، والحضانة. يبقى الهدف الأسمى هو توفير بيئة مستقرة للطفل، رغم انفصال الوالدين.
لاق تأتي فوق كل اعتبار.